توقّعت مؤسسة "فيتش سولوشنز" (Fitch Solutions) في تقرير نشرته في يناير/كانون الثاني الماضي، أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في ليبيا سيشهد نموا بنسبة 19.7% خلال هذا العام، بعد انكماش بنسبة 12.9% عام 2022، مدفوعا بالاستقرار السياسي في البلاد، مما سيسمح بانتعاش قوي في إنتاج النفط يؤدي إلى زيادة صادرات النفط الخام.
تقديرات ومؤشرات إيجابية لفتت أنظار دول أوروبية عديدة تجاه ليبيا، على رأسها فرنسا التي تحاول مغازلة هذا البلد للحصول على قطعة من كعكة الطاقة.
وبهدف تعزيز التعاون الفرنسي الليبي في مجال النفط والغاز والطاقة، استضافت باريس الشهر الماضي منتدى شارك فيه أكثر من 65 رجل أعمال من القطاع الخاص في ليبيا، و12 آخرين من المؤسسة الوطنية للنفط، فضلا عن عشرات الشركات الفرنسية والشخصيات السياسية والاقتصادية من كلا الطرفين.
المنافسة بين فرنسا وإيطاليا
وسلط المشاركون في المنتدى الضوء على العناصر الجاذبة للاستثمار، والتحديات المستقبلية، والاهتمام بالطاقات المتجددة التي تشكل ملعبا خصبا لمصادر الطاقة النظيفة.
وقال جان جاك روايان مدير رابطة الشركات المتخصصة في المحروقات والطاقات بالشرق الأوسط وشمال وشرق أفريقيا، إن المنتدى كان فرصة جيدة لـ"تحديد قائمة الأعمال والمشاريع المطلوبة لإعادة تشغيلها ومعالجتها".
وبينما تسعى فرنسا لحجز مقعد على طاولة المنافسة العالمية، تبرز هيمنة مجموعة النفط "إيني" الإيطالية على المشهد الليبي، إذ تحظى بامتيازات تاريخية وقرب جغرافي يضمنان لها حضورا قويا في ليبيا منذ عام 1959.
وأكد روايان -في حديثه للجزيرة نت- أن شركة إيني الإيطالية تعد منافسا شرسا لتوتال الفرنسية، لأنها تتمتع بوضع جيد في ليبيا منذ فترة طويلة، لكن ذلك لا يمنع من أن المنافسة لن تكون سهلة على الإطلاق.
من جانبه، أشار رجل الأعمال والسياسي محمد العريض رئيس مجلس إدارة الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة بليبيا أن "إيطاليا تظل الأقرب والشريك الأول في أوروبا، وتمتلك استثمارات نفطية متمثلة في شركة إيني تبلغ 12 مليار دولار منذ عام 2004، فضلا عن توقيعها عقدا بقيمة 8 مليارات دولار استثمارات إضافية".
وتراجعت مشاريع فرنسا في ليبيا خلال السنوات الماضية، حيث احتلت المرتبة السادسة عشرة في قائمة شركاء ليبيا بعد أن كانت تحتل المرتبة الخامسة. وفي عامي 2022-2023، شهد التعاون بين البلدين بعض التحسن بسبب الاستقرار السياسي واستعادة ثقة الشركات الفرنسية في السوق الليبي مجددا.
أهمية ليبيا عالميا
ويشهد سوق النفط العالمي مستويات أسعار عالية بسبب نقص المعروض، مما يمنح عودة الخام الليبي ميزة استثنائية في ظل بحث الدول الغربية المستمر عن بدائل للنفط الروسي.
ويؤكد العريض أن "الحرب الروسية الأوكرانية ستساهم في دخول ليبيا معادلة الطاقة العالمية، خاصة مع تخلي أوروبا عن الغاز الروسي وبحثها عن بديل له، وهو ما دفع بالمجتمع الدولي للضغط على المشغلين في ليبيا لتشغيل الحقول النفطية".
ولفت العريض إلى أن زيادة أسعار الطاقة تعني زيادة الدخل الليبي ونمو الاقتصاد المحلي، وشدد على مزايا قانون الاستثمار في ليبيا الصادر عام 2009، مؤكدا فاعليته في تشجيع المستثمر بسبب منحه إعفاءات جمركية وضريبية بنسبة 100% لمدة 8 سنوات، وأضاف أن المستثمر الأجنبي بإمكانه التملك لمدة 99 عاما، كما يملك حق مشاركة المواطن الليبي بأي نسبة يريدها.
تعليق