تستعد السلطات في كلّ من تونس وليبيا لعقد اللجنة العليا المشتركة بعد فترة طويلة من انقطاع أعمالها وسط ترقب مجتمع الأعمال بين البلدين لقرارات جديدة تدفع التعاون الاقتصادي في البلدين.
والسبت الماضي، استقبل وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج سفير تونس لدى دولة ليبيا الأسعد العجيل بحضور وكيل وزارة الخارجية لشؤون التعاون الدولي والمنظمات عمر الكتي، وذلك لمتابعة الحركة التجارية عبر المنافذ البرية المشتركة وتسهيل إجراءات العبور للمواطنين والبضائع والخدمات من الجانبين.
كما تطرق اللقاء وفق ما نشرته وزارة الاقتصاد الليبية على موقعها الرسمي إلى الترتيبات الجارية لانعقاد اللجنة العليا الليبية التونسية المشتركة خلال الفترة المقبلة، وتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين ودعم أصحاب الأعمال والشركات في كلا البلدين بما يسهم في زيادة حجم التبادل التجاري.
وتمثل استعادة العلاقات التجارية مع ليبيا بذات الزخم السابق للثورات بين البلدين أبرز مطالب المتعاملين الاقتصاديين الذين يطالبون بإجراءات تحفيزية تسهل تدفق السلع والأشخاص بين تونس وجارتها الجنوبية.
ويأتي الاستعداد لانعقاد اللجنة العليا المشتركة التونسية الليبية في ظل تأثيرات أزمة تدفق المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء على العلاقة بين البلدين ولا سيما بعد إعلان وزارة الداخلية الليبية أول من أمس الاثنين، توثيقها "عمليات طرد طاولت مواطنين من أفريقيا جنوب الصحراء من قبل السلطات التونسية إلى الحدود الليبية".
ويرى الخبير الاقتصادي المختص بالشأن الليبي غازي معلّى، أن من مصلحة البلدين تجاوز أي نوع من الخلافات واستغلال الانعقاد المرتقب للجنة العليا المشتركة من أجل وضع خريطة طريق جديدة للمصالح الاقتصادية للجارتين.
وأكد معلّى في تصريح أن سلطات البلدين مطالبة بالمرور إلى مرحلة التحالف الاقتصادي الاستراتيجي في ظل منافسة شرسة في المنطقة على تقاسم المغانم الاقتصادية في قطاعات استراتيجية على غرار الطاقة.
وأشار الخبير الاقتصادي المختص بالشأن الليبي إلى أن السلطات التونسية مطالبة بالتعامل مع الملف الليبي على أنه ملف داخلي نظراً لارتباط مصالح البلدين.
وكشفت أحدث البيانات الصادرة عن معهد الإحصاء الحكومي أن الصادرات التونسية نحو ليبيا زادت خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 4.3 بالمائة.
وكانت ليبيا قبل عام 2011 ثاني شريك اقتصادي لتونس، حيث يلعب الجهاز المصرفي ذو رأس المال المشترك التونسي الليبي دورا مهما في تمويل المبادلات التجارية والاستثمارات، فضلا عن القروض التي يوفرها لرجال الأعمال.
وتعد ليبيا الشريك الخامس لتونس بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، والشريك الأول على مستوى دول المغرب العربي.
وحسب بيانات للغرفة التجارية التونسية الليبية، يبلغ عدد المؤسسات الاقتصادية التونسية التي تتعامل مع السوق الليبية حوالي 1300 شركة.
وعمّقت الأزمة الليبية على امتداد السنوات العشر الماضية جراح الاقتصاد التونسي الذي يمر بصعوبات كبيرة جراء حالة الغموض والاضطرابات السياسية والاجتماعية وتراجع السياحة والاستثمار والاحتجاجات.
وكشف تقرير حديث للبنك الدولي أن تونس تخسر نحو 800 مليون دولار سنوياً كتأثير مباشر للأزمة الليبية بين استثمارات وصادرات.
وفي العام 2012، أعلنت تونس عن إنشاء منطقة تجارة حرة ولوجستية في مدينة بن قردان، بالقرب من الحدود الليبية،
غير أنه بعد أكثر من 10 سنوات على إعلان إحداث منطقة تجارية حرة لم يتجاوز المشروع بعد مرحلته الأولى الخاصة بتهيئة المنطقة والدراسات الفنية وسط مخاوف من خسارة تونس واحداً من أهم المشاريع التنموية جنوبي البلاد.
يقلّص تأخير إحداث المنطقة التجارية الحرة مع ليبيا حظوظ تونس في تطوير مبادلاتها التجارية المنظمة مع جارتها الغربية، بينما تتوسع في المنطقة قوى اقتصادية أخرى على هامش التطورات الإقليمية المتسارعة في المنطقة.
يُعتبر الوقت أمراً جوهرياً بحسب خبراء الاقتصاد في محافظة تونس وذا تأثير على مكانتها في السوق الليبية. وكان الهدف من مشاريع تعاون سابقة هو تطوير المناطق الحدودية الجنوبية الشرقية المهمشة وإضفاء الطابع الرسمي على الفاعلين الاقتصاديين غير الرسميين، غير أنها لم ترَ النور بعد، بينما تتوسع السوق الموازية في المنطقة ما يحرم البلاد من إيرادات مهمة يحتاجها اقتصادها المتعثّر.
تعليق