اكد حامد الزعابي، المدير العام للمكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن دولة الإمارات حقّقت عدداً من النجاحات في ملف مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب خلال العام الماضي، حيث أشادت مجموعة العمل المالي «فاتف» خلال اجتماعها الأخير، بالتقدّم الّذي أحرزته الدولة.
وأشار الزعابي إلى أن الإنجازات شملت تصدر الإمارات المرتبة الخامسة عالمياً في كفاءة عمليات المصادرة والتوقيف، وقد تمثّل ذلك عبر نسبة مئويّة من إجمالي قيمة الجرائم الماليّة المتوقّعة للدولة، بالإضافة إلى تعاون جهات إنفاذ القانون الإماراتيّة عن كثب مع اليوروبول والإنتربول، حيث ساهمت في عدد من التحقيقات والتوقيفات المهمّة على المستوى الدولي، بما في ذلك قضيّة كيدان زكرياس حبت مريم، وهو من أبرز المهرّبين المطلوبين على قائمة اليوروبول والإنتربول، كونه رئيس أكبر شبكة لتهريب المخدّرات.
نظام مستدام
وقال الزعابي إن المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يتعاون بشكل وثيق مع مجموعة العمل المالي «فاتف» على مستوى تنفيذ خطّة عمل الإمارات، وسنبقى ملتزمين بضمان تحقيق كافّة البنود المدرجة ضمن الخطّة.
وأوضح أن المكتب التنفيذي لديه خطّة طويلة الأجل، من شأنها وضع نظام مستدام وقوي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث سنواصل تعزيز قدراتنا خلال السنوات القادمة، حيث ينبع التزامنا بمكافحة الجرائم الماليّة، من إيماننا في أنّ جهودنا تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي، وزيادة التجارة والاستثمار الدوليين، وحماية نزاهة النظام المالي العالمي.
وأكد الزعابي أن المكتب التنفيذي سيواصل العمل على تعزيز إطار الإمارات الوطني للمخاطر والالتزام، وذلك حتّى لا نترك مجالاً لارتكاب الجرائم الماليّة ضمن حدود أراضينا، حيث نعمل بدون كلل على حماية نزاهة النظام المالي العالمي واقتصادنا الوطني، خصوصاً أنّ الجرائم الماليّة تلحق أضراراً بأعمالنا والمجتمع بشكل عام، كما تطال الثقة القائمة بين الأفراد والمنظّمات.
مشاركة عالميّة
وأوضح أن المكتب سيقوم بتوسيع إطار برامجه للمشاركة العالميّة، وذلك على أساس ثُنائي مع الشركاء الوطنيّين، وأيضاً من خلال التعاون مع المنظّمات المتعدّدة الأطراف وعبرها، حيث إنّ عالم الجرائم الماليّة يتقدّم بوتيرة سريعة، وهو عابر للحدود. وعليه، يشكّل التعاون مع الشركاء الدوليّين السبيل الوحيد للتغلّب على الشبكات الإجراميّة المعقّدة العابرة للحدود.
وأشار إلى أن المكتب التنفيذي وضع ستّة أهداف استراتيجيّة سارية حتّى عام 2026، كما أنّه يدعم قيام نظام فعّال ومترابط لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك من خلال السياسات السليمة وإدارة المخاطر على نحو صحيح، حيث من شأن هذه الخطّة أيضاً، تحقيق التميّز واعتماد أعلى المعايير على مستوى المكتب التنفيذي.
وأضاف أنه خلال شهري يناير وفبراير الماضيين، تسلمت وحدة المعلومات الماليّة حوالي 7000 تقرير عن معاملات وأنشطة مشبوهة من الجهات المعنيّة على مستوى مختلف المؤسسات الماليّة والأعمال والمهن غير الماليّة المحدّدة، وتبيّن مقارنة البيانات بين عامي 2021 و2022، أنّ نسبة رفع تقارير المعاملات والأنشطة المشبوهة زادت بنسبة 81 %.
وأوضح أن نسبة رفع الأعمال والمهن غير الماليّة المحدّدة لتقارير المعاملات والأنشطة المشبوهة (خصوصاً محلّات الصرافة ومقدّمي خدمات النقد وتجّار المعادن الثمينة والأحجار الكريمة ومقدّمي خدمات الأصول الافتراضيّة)، ارتفعت بنحو 91 %.
وأكد الزعابي تعاون المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مع مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك القطاعات الّتي حدّدها التقييم الوطني للمخاطر على أنّها مرتفعة المخاطر، حيث جمع النظام المُعتمد بين القطاعين العام والخاص عبر اللجنة الفرعيّة للشراكة بين القطاعين العام والخاص في الإمارات، بما يتوافق مع الجهود الدوليّة في هذا الصدد، وذلك بموجب إبرام اتفاقيات المساعدة القانونيّة المتبادلة، ورفع عدد كبير من تقارير المعاملات والأنشطة المشبوهة التي تشمل الكيانات الأجنبيّة.
وقال المدير العام للمكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إن الجهات الرقابيّة في الإمارات فرضت 161 غرامة على 76 كياناً خلال الربع الأول من العام الجاري، مع تخطّي قيمة الغرامات 115 مليون درهم، وذلك مقابل غرامات بقيمة 76 مليون درهم في 2022، مشيراً إلى أنه على صعيد المصادرة، فقد تخطّت قيمة الأصول المصادرة خلال الفترة الممتدّة بين شهري نوفمبر 2022 وفبراير 2023، نحو 925 مليون درهم.
ورداً على سؤال حول جهود المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في تعزيز جهود الدولة في هذا الشأن، قال الزعابي إن دولة الإمارات اعتمدت نهجاً حكومياً شاملاً، باعتبارها إحدى أهمّ مراكز التجارة والاستثمار العالميّة، حيث تعمل الحكومة الاتّحاديّة عن كثب مع السلطات والقطاع الخاص في الدولة، بما يضمن تطبيق كافّة الكيانات لتدابير مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بفعاليّة.
قدرات الشركات
وأضاف أنه بحسب إحصاءات وزارة الاقتصاد، شهد الاقتصاد الوطني نمواً بنسبة 7.6 % خلال العام الماضي، ويتوقّع البنك الدولي نمواً بنسبة 4.1 % خلال العام الحالي، وبالتالي، فهناك العديد من المزايا الاجتماعيّة والاقتصاديّة لحماية الاقتصاد الإماراتي، وتعزيز قدرات الشركات للاضطلاع بالأعمال بثقة وأمان.
وتابع: «في حين أنّ استثمارنا في إطار عمل مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب هو طويل الأجل، نلاحظ اليوم تحقيق تحسينات على مستوى النظام ككلّ. فإنّنا، لو نظرنا في مسألة الامتثال على سبيل المثال، لوجدنا أنّ القطاع الخاص قد اعتمد إجراءات أفضل في إطار الاستجابة للسياسات والمتطلّبات الرقابيّة، وأنّ مستوى التوعية بالجرائم الماليّة قد ارتفع على نحو كبير، ما يشير إلى أنّ النظام سريع الاستجابة ومتماسك وديناميكي».
وذكر حامد الزعابي أن التشريعات ذات الصلة بمواجهة غسل الأموال، شهدت خلال العام الماضي عدّة تعديلات رئيسة، بما في ذلك اعتماد مجلس الوزراء للقرار 111 بشأن تنظيم الأصول الافتراضيّة، ومقدّمي خدمات الأصول الافتراضيّة، حيث يضع القرار الإطار التشريعي لقطاع الأصول الافتراضيّة في الدولة، وذلك من خلال تحديد وحماية حقوق والتزامات كافّة الأطراف المعنيّة، وتحديد الأساس التنظيمي للقطاع المذكور، كما يضمن ذلك التزام قطاع الأصول الافتراضيّة في الدولة بالمرسوم بقانون اتّحادي رقم (20) لسنة 2018، في شأن مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.
وأوضح أن المكتب التنفيذي يتولى إدارة اللجنة الفرعيّة للشراكة بين القطاعين العام والخاص في الإمارات، حيث يشكّل ذلك صلة وصل هامّة بين الكيانات المؤسسيّة والجهات الحكوميّة، وقد أنجزت اللجنة ورقتها الاستشاريّة الأولى بشأن مشاركة المعلومات الاستراتيجية.
السياسات والمخاطر
وأضاف الزعابي أن إدارة السياسات والمخاطر لدى المكتب التنفيذي، انتهت من وضع عدد من وثائق السياسات ذات الصلة بالقطاعات الرئيسة، كقطاع الفنون والتراث والممتلكات الثمينة.
وقال المدير العام للمكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إن كافّة الجهات الرقابيّة عملت بنشاط خلال الربع الأول من العام الجاري، لا سيما مصرف الإمارات العربيّة المتّحدة المركزي، حيث أجرى 464 عمليّة تفتيش مكتبيّة، و128 عمليّة تفتيش ميدانيّة، وفرض غرامات بلغت قيمتها حوالي 70 مليون درهم، كما كانت وزارة الاقتصاد فاعلة أيضاً في هذا الصدد، حيث أجرت 4344 عمليّة تفتيش مكتبيّة، و3360 عمليّة تفتيش ميدانيّة، وفرضت غرامات بلغت قيمتها 16.5 مليون درهم.
وأوضح أنه بالإضافة إلى عمليّات التفتيش الّتي أجرتها الجهات الرقابيّة، تتعاون وزارة الاقتصاد مع مسجّلي الشركات بشكل وثيق، وذلك في إطار برنامج تفتيش قائم على المخاطر، من شأنه ضمان الالتزام مع اللوائح الوطنيّة ذات الصلة بالمستفيد الحقيقي النهائي، إذ وضعت الإمارات، في هذا المجال، نظاماً دولياً لتحديد المعايير.
معاهدة ثنائيّة
وقال الزعابي إن دولة الإمارات أبرمت 44 معاهدة ثنائيّة ذات الصلة بالمساعدة القانونيّة المتبادلة، ومن المتوقع إبرام المزيد من المعاهدات خلال عام 2023، مشيراً إلى أنه خلال الفترة الممتدّة بين نوفمبر 2022 وفبراير 2023، أرسلت جهات إنفاذ القانون، عبر مختلف القنوات، 327 طلباً للحصول على المعلومات إلى الجهات النظيرة الأجنبيّة.
وأشار الزعابي إلى التعاون بشكل وثيق مع الشركاء في الولايات المتّحدة الأمريكيّة والاتّحاد الأوروبي ومنطقة الخليج، وذلك من خلال فرق العمل ومجموعات العمل وتمارين بناء القدرات ومجموعة من الوسائل غير الرسميّة ذات الصلة بتبادل المعارف، كما استضافت أبوظبي، في مارس 2023، ورشة عمل المينافاتف، بشأن أنماط استغلال الكيانات الاعتباريّة.
وحول التدابير الرئيسة الّتي تمّ اتّخاذها لرفع الوعي بمكافحة الجرائم الماليّة في الدولة، قال إن السلطات في الدولة عقدت منذ شهر يونيو 2022، نحو 18 جلسة تواصل، حضرها أكثر من 17000 شخص من موظّفي القطاعين العام والخاص، وتمّت مشاركة نتائج تقييم المخاطر القطاعيّة والمعلومات الأخرى ذات الصلة.
تعليق