بعد (34) عاماً من وقوعها، فُتح مجدداً ملف حادثة تفجير "لوكربي"، بعد اعتقال الشرطة الأمريكية الليبي مسعود، واتهامه بالضلوع في صناعة القنبلة التي استُخدمت في تفجير الطائرة في كانون الأول (ديسمبر) 1988، التي أودت بحياة (270) شخصاً، من بينهم (11) من سكان بلدة لوكربي الإسكتلندية، التي انفجرت الطائرة الأمريكية في سمائها.
لم يتوقع الليبيون أنّ هذا الملف سيُفتح من جديد، بعدما أغلقت السلطات هذا الملف الذي كلف ليبيا حصاراً اقتصادياً خانقاً في تسعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى نحو (3) مليارات دولار من التعويضات المالية لأسر ضحايا الطائرة الأمريكية، فضلاً عن الخلافات مع دول الغرب.
وبرغم تعهد واشنطن بإغلاق ملف القضية وعدم ملاحقة المتهمين، قالت وزارة العدل الامريكية في بيان: إنّ مسعود موقوف، وسيمثل "أمام قاضٍ في العاصمة واشنطن".
عود على بدء
الملف عاد إلى الواجهة من جديد، بعد الكشف منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عن اختفاء الضابط السابق في جهاز الأمن الخارجي الليبي، أبوعجيلة مسعود المريمي، من منزله في العاصمة طرابلس، مع أحاديث عن احتمال اختطافه، من دون أيّ تصريح من حكومة الوحدة الوطنية يجلي الغموض حول مصيره.
وكانت السلطات الأمريكية قد وجّهت في كانون الأول (ديسمبر) 2020 اتهاماً للمريمي باحتمال تورطه في تفجير طائرة "بان آم" فوق لوكربي، مستندة إلى تقارير تشير إلى مسؤوليته عن صناعة القنبلة المستخدمة في إسقاط الطائرة.
ويعتبر مراقبون إعادة فتح القضية محاولة من قبل جهات امريكية لاستخدامها سياسياً، ويرى آخرون أنّ حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة تسعى للحفاظ على علاقات جيدة مع واشنطن في مواجهة حكومة بنغازي.
يُذكر أنّه تم الاتفاق بين طرابلس وواشنطن على إغلاق ملف القضية نهائياً بعد دفع ليبيا التعويضات للضحايا، وأنّه لا يجوز فتح أيّ مطالبات جديدة عن أيّ أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل 30 حزيران (يونيو) 2006.
وفي آب (أغسطس) 2008 أصدر الكونغرس الأمريكي قانوناً تقدّم به النائب حينها، جو بايدن، بتأمين الممتلكات الليبية والأفراد الليبيين المعنيين من الحجز أو أيّ إجراء قضائي آخر، ووقّع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في تشرين الأول (أكتوبر) 2008 مرسوماً بالتزام بلاده بإغلاق أيّ قضايا مفتوحة من عائلات الضحايا أمام المحاكم المحلية والأجنبية.
ووُصف التفجير بأنّه الاعتداء الإرهابي الذي حصد أكبر عدد من الضحايا على الأراضي البرطانية، فقد أودى بحياة (259) شخصاً في الطائرة، بينهم (190) أمريكياً، و(11) شخصاً على الأرض.
فُتح مجدداً ملف حادثة تفجير "لوكربي" بعد اعتقال الشرطة الأمريكية الليبي مسعود
في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي داهمت عناصر "القوة المشتركة"، التابعة للحكومة منتهية الولاية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، في طرابلس منزل مسعود المريمي، الذي يناهز الـ (80) عاماً، ويعاني مرضاً مزمناً جعله طريح الفراش، وحاول أقرباؤه لقاء الدبيبة لمعرفة مصيره، قبل أن يفاجؤوا بوجوده في الولايات المتحدة.
وفي الشهر نفسه دعا الدبيبة، وسط حشد بطرابلس، لفتح ملف لوكربي داخل ليبيا "ضد من استغلوا أموال البلاد لصالح تعويضات خارجية"، لكنّ رئيس الحكومة الجديدة المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا رفض تسليم مواطن ليبي "خارج الأطر القانونية"، معتبراً ما حدث "خرقاً" لمبدأ سيادة الدولة واستقلال قضائها.
من هو أبو عجيلة؟
ويُعدّ أبو عجيلة مسعود أحد ضباط مخابرات الرئيس الراحل معمر القذافي، وفي شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي تداولت تقارير إعلامية أخباراً عن اختطافه من قبل مسلحين وسط العاصمة طرابلس.
عمل أبو عجيلة مسعود، البالغ من العمر (80) عاماً، ضابطاً بجهاز الأمن الخارجي الليبي، وزعمت تقارير أمريكية أنّه المسؤول عن صناعة القنبلة المستخدمة في تفجير الطائرة "بان آم 130".
وفي كانون الأول (ديسمبر) 2020 أثير اسم مسعود حين أعلن النائب العام الأمريكي ويليام بار، في مؤتمر صحفي عُقد في واشنطن، عن اتهام ضابط أمن ليبي يدعى أبو عجيلة مسعود بصنع القنبلة التي فجرت طائرة البوينغ 747 التابعة لشركة "بان آم" الأمريكية، وطالب النائب العام بتسليمه إلى قضاء الولايات المتحدة.
وكانت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية قد كشفت عام 2015 أنّ الاتهامات الموجهة إلى مسعود ظهرت من خلال تحقيق أجراه كين دورنشتاين، شقيق أحد ضحايا لوكربي، الذي قضى (6) أعوام في تعقب المواطن الليبي، وهو من أعطى اسم مسعود لمكتب التحقيقات الفيدرالي.
غضب ليبي وعربي
وتستنكر السلطات الليبية إعادة فتح ملف التفجيرات، بعد اتفاق التسوية الذي وقعته البلاد في عام 2008، والذي يقضي بإغلاق الملف بشكل نهائي.
هذا، وطالبت رئاسة مجلس النواب الليبي من النائب العام المستشار الصديق الصور، تحريك دعوى جنائية ضد كل من تورط في "خطف المواطن مسعود وسلّمه إلى جهات أجنبية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق