المرأة في اللوحة التشكيلية تأتي ضمن سياقات مختلفة ذات دلالات إنسانية، لما تعانيه في مجتمع مازال يريد تحديد أفكارها وطموحاتها وفق النظرة السائدة.
المرأة في لوحات التشكيليات الليبيات نجلاء الفيتوري، ومريم بازينة، ونجلاء الشفتري، ومريم الصيد، حاضرة في كل الحالات الغضب والضعف والفرح والحزن. وكأن هذه اللوحات بمثابة انتفاضة على كل ما يعيق أو يفكر في إقصاء شريك مهم وأصيل في الحياة.
تقول التشكيلية نجلاء الفيتوري: تجربتي الفنية في رسم المرأة بمثابة تجربة بلا نهاية تُكتشف كل مرة بتقنية مختلفة كحوار لوني، أحتفل بها وهي في نفس الوقت لم تكن قضية ولا تملك قضية تتجاوز الكلمات. أرسمها كنهر ملون منطلق بغير سدود الظلم، لا توجد على اللوحة بشكل واقعي لكن لها أهمية كبيرة من الناحية الأسطورية هي جوهر الوعي، لأنها كانت آلهة في العالم القديم فقضيتها مربوطة بحضورها الآن، أخرجتها من مبدأ الخطيئة، حكمتها باللون البراق، أدخل معها في حوار لوني مطرز بموروث بربري معاصر، مازالت يدها مسلحة بشكل تجريدي، هي عرافة في بعض الأحيان، لأجل هذا لحفتها بالفراشية أحياناً. حلمت ببيتها الصغير الذي يقود إلى البحر مع السماء الزرقاء، الريح وآبار الحلم.
وتذهب التشكيلية مريم بازينة إلى أن قضايا المرأة عديدة ومتنوعة، وكفنانة عبّرت عن تلك القضايا باللون والرمز، خاطبت روح المرأة وجمالياتها برموز تناغي مفردات عميقة المعنى تسكن روحها.
وواصلت: المرأة اليوم تحتاج من يمتص الأذى السمعي والبصري الذي تتعرض له، من هنا جسدت في لوحاتي ما يلامس روحها ووجدانها بنمنمات ورموز لونية مشكلة تكون كالبلسم بلا صخب ولا عنف.
وتؤمن مريم بازينة بدور الفن في خلق مساحات واسعة من التعبير. بإمكان الفن مراقبة المجتمع وتسجيل ما تم ملاحظته على اللوحة البيضاء. هذا الفن ما هو إلا انعكاس لحياة المتلقي وتفاعله في مجتمعه.
تبدأ التشكيلية نجلاء الشفتري حديثها بالإشارة إلى أنها في البدايات رسمت المرأة في لوحاتها بطريقة ضبابية. وكانت تقصد ذلك. وتلفت: رسالتي في تلك الفترة مجردة، رسمت الإنسان بشكل عام. لم أكن نسوية، ولكن مع الوقت وسنوات الحرب والفوضى رسمت المرأة ككيان باعتبارها الحلقة الأضعف في زمن الصراعات المسلحة. بمرور الوقت أخذت المرأة ومعاناتها حيزاً كبيراً من اللوحة. أرسمها في حالات الحزن والفرح، أرسم تجليات مشاعرها الإنسانية.
المرأة في لوحات الفنانة نجلاء الشفتري هي عيشة القوية والصبايا الوادعات خلف الأبواب المغلقة، هي المتمردة والمنتظرة والمطحونة في دوائر الوقت وأعباء الحياة. الفن هو الوسيلة الفعالة لمحاربة القبح والعنف وكل أشكال التطرف الفكري، وأنا هنا أقصد الفن بكل محاوره ولا أحدد نوعاً مُعيناً. بالفن ترتقي الأمم ونتجاوز العثرات ونتعلم من خلال الفن، الذي هو عملية تراكمية تحتاج لوقت ومجهود جماعي تجني ثماره الأجيال القادمة.
وأوضحت التشكيلية مريم الصيد، أن لوحاتها هي انعكاس لمكنونات الأنثى في كل تصوراتها الحياتية، فكل عمل يمثل موقفاً وحكاية، والإشارة إليها يتطلب وعياً وفهماً وكذلك تحدياً لوضعية المرأة في مجتمعاتنا الشرقية، إذ إن قضاياها لمازالت رهينة تصورات ذكورية صرفة تجعل من الأنثى حبيسة اللون الواحد.
المرأة في أعمالي باعتبارها منبع للحياة حتىأنها في أساطير الديانات القديمة اعتبرت آلهة الإخصاب أو المطر، علاوة على كونها نصف المجتمع وهي رمز شريكها الرجل كصديق وأم وأخت وزوجة.
وتضيف: “التشكيل بالنسبة لي عنصر فعال لدلالته الفكرية والثقافية المعبرة عن قيم الجمال والحب والحرية، والتي تستمد وجودها كذلك من رغبة المرأة كذات فاعلة في ترجمة الأحلام والمشاعر، وفيض تمظهراتها النفسية الممتزجة بعالم اللون الريشة”.
وتحدثت مريم الصيد عن الرقيب المجتمعي وطالبته ألا يتحول إلى عقدة، والرهان دائماً في فعل الإنجاز والاستمرار.
تعليق